26 - 06 - 2024

تعا اشرب شاي | أوقفوا تشغيل البنديرة

تعا اشرب شاي | أوقفوا تشغيل البنديرة

(أرشيف المشهد)

  • 13-4-2015 | 18:56

هل سمعت عن شخص أوقف سيارة أجرة وعندما سأله السائق عن وجهته قال له : مشينى بعشرة جنيه؟ إنها إجابة مضحكة و أشبه بالنكتة، كذلك يتعامل البعض مع مهنته ، ينسى وجهته اﻷساسية ويعمل بالبنديرة  "على أد فلوسكم "، ومن هؤﻻء للأسف بعض العاملين فى مجال الدعوة، وهى مهنة من أرقى المهن وعلى حد علمى أنها لم تصبح- مهنة - إﻻ فى التاريخ المعاصر،  فقد كانت مهمة يقوم بها المسلم بإخلاص وحب وليست مجرد وظيفة الغرض منها انتظار أول كل شهر، ويظل الهدف اﻷسمى من ورائها هو الترغيب والدعوة إلى دين الله ولكن البعض  "إستسهل " و عمل بالبنديرة فقضى حياته فى الذهاب كل يوم إلى نفس المسجد ليقابل نفس اﻷشخاص ليعيد نفس الكﻻم ثم يختتم حديثه وهو يدعو بالهداية للمسلمين ولأبناء المسلمين ولأحفاد المسلمين ولمن سيأتى من بعدهم من المسلمين !!!! أين هى الدعوة إذن؟

من الممكن ان نطلق على ذلك فقها أو حلقة علم ، و لكن هل اﻹسلام ذلك النعمة الغالية يجب أن يحتكرها المسلمون وحدهم؟ لم ﻻ ندعو للناس جميعا وهم أولى بالهداية؟ ألم يقل الله محدثا سيد البشر (وما أرسلناك إﻻ كافة للناس بشيرا ونذيرا )!!

وكأنهم ﻻ يريدون أن يشاركهم أحدا جنة الله التى ﻻ ينفد نعيمها أبدا، فيفعلون كما يفعل ذلك " الغتت" الذى أنعم الله عليه بزيارة الكعبة فلزم بابها و كلما وقف بجواره أحد يدعو ربه بشئ ، ردد فى سره قائلا : اللهم ﻻ تستجب.

الجنة هى المكان الوحيد الذى يتسع لنا كلما كنا سببا فى زيادة عدد أصحابه.

عندما أتأمل لهجة بعض المسلمين و الدعاة أرى منهم  تهديدا و وعيدا بالويل والثبور وعظائم اﻷمور للأقوام اﻷخرى، وينسون أننا سنحاسب معهم على تقصيرنا تجاههم، وأننا ينبغى أن ﻻ نقع فى خطأ اليهود الذين أغلقوا وراءهم باب "التهود" و ادعوا أنهم شعب الله المختار، فنحن بديننا السمح خير أمة أخرجت للناس ، كل الناس أيا كانت أوطانهم أو ألوانهم أو لغاتهم.

أتذكر حين كنت طالبة فى المرحلة الجامعية لم أكن قد إرتديت الحجاب بعد إﻻ أننى أزعم أنى كنت فتاة محتشمة و كنت أعد نفسى ﻹرتدائه فى أقرب وقت.

وذات يوم إلتقيت أثناء عودتى بالمترو بصديقتى هناء التى كانت قد سبقتنى إلى إرتداء الحجاب حينذاك..... لم نجد مكانا للجلوس وقتها ولكن ما يضير طفلتين إلتقتا بعد فراق طويل فى مشكلة صغيرة كتلك؟ وقفنا نتسامر و نضحك و نحن نستعيد ذكريات المدرسة و الأصدقاء ، فجأة إلتفت رجل ملتحى كان يجلس خلفنا ورآنا، حسبته ينظر إلى ثم وقف و أخلى مقعده ﻷجلس محله ، رفضت فى البداية خجلا من صديقتى إﻻ أنها شجعتنى على الجلوس بحجة أن أحمل عنها حقيبتها الثقيلة، عندما إقتربت من المقعد نظر إلى ذلك الرجل بإزدراء شديد قائلا : لم أقصدك أنت ، إنما أقصد صديقتك، طبعا بإعتبارها أخته فى اﻹسلام بينما أنا بنت البطة السودة، كادت الدموع أن تطفر من عيني وأصررت على النزول من المترو رغم أن جميع من رأى المشهد حاولوا جادين أن يخلوا لى مقاعدهم ، و ظللت فترة غير قصيرة أغير وجهتى إذا صادفنى فى الطريق أحد الملتحين،  ليس خوفا منهم وإنما نفورا ورفضا لسلوكهم ، وذلك بالطبع يرجع إلى اﻷثر السئ الذى تركه فى نفسى ذلك الرجل، لم أكن قد ارتديت الحجاب بعدولوﻻ هداية الله ما كنت ارتديت الحجاب إلى يومنا هذا.

بالله عليكم، راجعوا أنفسكم ألم يدع رسولنا الكريم  أن يعز الله اﻹسلام بأحد العمرين وكان كلاهما كافرين؟ ألم يقل : "فو الله ﻷن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم" ؟ أﻻ تشجعكم  هذه المنزلة الرفيعة بالدعاء بالهداية لجميع البشر حتى لو كان فيهم كافرون ؟ إنهم يستحقون الشفقة ﻻ الدعاء عليهم ، ألم يعد الله أن يستبدلنا بأقوام خير منا إن تولينا؟ فمن هم هؤﻻء ؟ لعل من بينهم من كان كافرا و أنعم الله عليه بالهداية ، ووالله رأيت منهم من خدم اﻹسلام وأخلص له أكثر من أشخاص عاشوا طيلة حياتهم مسلمين ، وليس الدكتور مصطفى محمود منا ببعيد، فسبحان من شرح صدر هذا الرجل الذى كان ملحدا فى يوم من اﻷيام ثم صار أحد أعمدة الدعوة إلى الله.

أرجوكم ﻻ تفرطوا وتداهنوهم فيعلموا أنكم لستم على شئ وﻻ تفرطوا و تتوعدوهم فيعرضوا عن دينكم، وفى الحالتين ستحاسبون عليهم، الخطاب الدينى يجب أن يوجه للجميع فتعلموا كيف تروجون لتلك السلعة الثمينة : "أﻻ إن سلعة الله غالية، أﻻ إن سلعة الله الجنة"، فتاجروا مع الله وأوقفوا تشغيل البنديرة.

اللهم أعز اﻹسلام والمسلمين وإهد إليه الناس أجمعين بفضلك و رحمتك يا أرحم الراحمين.

مقالات اخرى للكاتب

جاء فى مستوى الطالب الضعيف





اعلان